(عجرفة) مبرمجي الاردن ..إنطباعات ام حقائق

نشر موقع اريبيان بيزنس تقريرا بعنوان ("عجرفة" مبرمجي مصر والأردن تهدي المليارات لمبرمجي رومانيا والهند).

التقرير الذي تضمن العديد من المصادر المبهمة، ادعى ان كوادر البرمجة في شركات التقنية العربية تفتقر للاحترافية والمهارات الأحدث مثلما هو الحال في مصر والأردن لدى أغلب الشركات والأفراد، مما يلحق كارثة كبيرة بسوق العمل وعجزه عن تأمين وظائف لعشرات اللآلاف من خريجي الجامعات، متسائلا عن حصص الدول العربية من المكاسب من تنفيذ مشاريع تقنية المعلومات خاصة مع وصول إنفاق دول المنطقة على هذه المساعي قرابة 212.9 مليار دولار خلال العام 2016،.

وجاء في التقرير ان مليارات كثيرة ستذهب لدول مثل رومانيا والهند والفيلبين بسبب ما وصفها بعجرفة مبرمجين في مصر والأردن وافتقارهم وشركاتهم للعمل الاحترافي والمهارت التقنية الحديثة والإلمام بها، مشيرا الى تفاصيل بالأرقام حول ذلك .

وأضاف التقرير " يكفي عدد قليل من المتسببين بحالات فاشلة ليفسدوا سمعة بلد بأكمله".

ويتابع التقرير " اهتم كثيرون بما تقوم به الأردن ومصر كدول جاذبة لتصدير الخدمات أو ما يعرف التوكيل الخارجي- التعهيد -Outsourcing، إلا أن افتقار معظم هذه الخدمات بالجودة يهدد بهروب المشاريع وهو أمر بدأ بالفعل على أكثر من صعيد".

ويستخف المبرمج بحسب التقرير بدلا من الإصغاء لمتطلبات الزبون ورؤيته، ويشرع بمجادلة الزبون لفرض رأيه في اختيار التقنية المناسبة لتنفيذ المشروع سواء أكان تطبيق للهاتف الجوال أو موقع إنترنت أو نظام لإدارة المحتوى في موقع إنترنت.

"صحح خبرك" سلط الضوء على ما جاء في التقرير من معلومات، من خلال استطلاع آراء نخبة من قيادات قطاع البرمجيات في الأردن لبيان دقة وصحة المعلومات التي جاءت في التقرير..

تناقضات وحقائق

التقرير يحمل العديد من التناقضات رغم واقعية بعض ماجاء فيه، بحسب مؤسس ومدير المشاريع والحلول في شركة الحافز للاستشارات الادارية والتقنية "Transition Tech" عصام زيتون.

وقال زيتون إن مقارنة المبرمج في بداية التقرير وعمله بمشاريع تكنولوجيا المعلومات التي يساهم فيها مهندسو المعلومات والفنيين والمبرمجين والعديد من الكوادر، والتي تكون عادة بتكلفة عالية تقدر بالملايين، مقارنة غير جائزة.

وأكد خلال حديثه لـ"صحح خبرك" ان المشاريع الكبرى تحتاج لفنيين وكوادر متخصصة في إعداد وتأهيل الشبكات عالية السرعة، والتي غالبا ما توفرها الهند ذات العمالة الاقل تكلفة مقارنة بالعمالة الاردنية.

وأشار الى أن إحترافية المبرمجين في الاردن أوصلتهم الى دول الخليج لمؤسسات مرموقة خاصة وحكومية، مبينا أن البرمجة تعتمد بشكل كبير على المهارات الشخصية للمبرمج، عازياً في ذات السباق البطالة في صفوف المبرمجين بالاردن لقلة فرص العمل مقارنة بالدول الأخرى، وبالتالي لا يجوز الحكم على المبرمجين الاردنيين بهذا الشكل، بحسبه.

ومن المعوقات التي يواجهها المبرمجين الاردنيين يضيف زيتون، ضعف المردود المادي لبعض المشاريع وعدم قناعة الزبون بأهمية الوقت والجهد المبذول في المشروع، إضافة الى تفضيل المبرمجين الاجانب على العرب.

وبين أن المبرمج الاردني مرغوب جدا وله إحترامه في دول الخليج، موضحا ان العجرفة التي اشار لها التقرير تتعلق باختلاف بيئة العمل بين عمان ودول الخليج والاسس التي ترسخت لدى المبرمج عن طبيعة العلاقة بينه وبين العميل .

وتابع ان الامور التي تحدث عنها التقرير من حيث المشاكل تحدث في كل الدول وليس فقط في الاردن ومصر من الخليج.

تعامل المبرمج مع العميل

رئيس مجلس إدارة شركة أويسيس 500 مروان جمعة، أكد بان تعامل العميل مع شركات البرمجة في الاردن لا يكون بشكل مباشر مع المبرمج، مبينا ان هناك فريق متكامل معني بالاتفاق والتنسيق مع العميل من موظف المبيعات الى مدققي الجودة (Quality Assurance) ختاما بالمبرمجين، مضيفا انهم على اطلاع تام بمتطلبات العميل مما يعني ان المبرمج لا يفرض رأيه على العميل.

وشدد خلال حديثه لـ"صحح خبرك" على ضرورة التركيز على كمية ونوعية خريجي الجامعات في هذا القطاع، معللا ذلك بضرورة تكثيف الجهود المبذولة في هذا القطاع للمنافسة بشكل فعال.

ولم يرغب جمعة بالتعليق على تقرير "اريبيان بيزنس" لعدم إطلاعه عليه كاملاً، بيد أنه أكد بان هناك منافسة قوية تجري بين الدول في قطاع البرمجة، خاصة ان "الكود" عندما يكتب في إي دولة ما سواء في الاردن او في دولة اخرى يكون هو نفسه.

وأضاف ان هذه فرصة للأردن يجب إستغلالها بالافكار الابداعية والعمل المتقن، والنوعية والكمية الكافية لمنافسة الدول الاخرى الرائدة في هذا المجال.

و تساءل جمعة بعد أن استعرض صحح خبرك مضمون تقرير "اريبيان بيزنس" على مسامعه، عن خلفية ومصدر المعلومات الواردة في هذا التقرير، والدراسات العلمية والمصادر الموثوقة التي استند عليها.

وشدد في ختام حديثه على اهمية الاردن وفرصة للمنافسة في هذا القطاع، مبينا في الوقت ذاته ان هناك العديد من العقبات التي يجب اجتيازها.

التصدير للخارج

"من وجهة نظر الاردن، لا بد من الإشارة الي انّه نظرا لصغر السوق المحلّي، ولوجود عدد كبير وموهّل من المبرمجين، فالمخرج الطبيعي هو في تكثيف عمليات التصدير، لكافّة الحلول والبرمجيات وتطبيقها في أسواق اكبر، ومنها الخليج العربي وإفريقيا، تقول ضحى عبد الخالق الشريك التنفيذي في شركة إسكدنيا للبرمجيات ونائب رئيس جمعية تكنولوجيا المعلومات " انتاج" سابقا .

وأضافت عبدالخالق انه بالتركيز علي الملكية الفكرية، والتصاميم الفريدة والقيم المُضافة التي تمكنت بالواقع من تنفيذها شركات أردنية جادّة، لا بل وقامت بتصديرها الي دول الجوار؛ ومن هنا تحتاج القوة العاملة الاردنية الي مهارات خاصّة تتطلبها هذه الاسواق، ولا يمكن إغفالها لأي سبب.

واوضحت عبدالخالق بأن السوق الأفريقي يتطلب على سبيل المثال إتقان اللغة الفرنسية وهذه حقيقة ومطلب علي ارض الواقع، وللسوق السعودية طلبات خاصة في التعريب ويحتاج الي مهارات خاصة ومتفوقة في ادارة المشاريع، وفي سوق الامارات مثلا؛ التركيز به علي عنصر الإبداع، وعلي التطبيقات الفعّالة وحلول الإنترنت السريعة والمجرّبة، وبالذات لدي شركات الاعمال والقطاعات الكبري مثل التامين والقطاع الصحّي والخدمات الالكترونيّة والبنوك وهكذا.

وتابعت قائلة " لا بد من المُحاذاة والانسجام مع هذة المتطلبات، بالسرعة الممكنة للحفاظ علي تنافسية المنتج الاردني، وتثبيت الفائدة ذات الصِّلة بالمحتوي التكنولوجي الاردنية".

وشددت عبدالخالق على ان للجامعات والقطاع الخاص الدور الأكبر في تحضير هذا السيناريو من جانب الادارة ومن عنصر العصريّة ومواكبة الاسواق من حولنا وهو جهد موصول .

ريادة أردنية مشهودة

بدوره، يرى المنسق العام لمبادرة انشاء نقابة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأردنية أسامة أبو عرقوب، أن المقارنة مع رومانيا والهند غير صحيحة نظراً للفارق الكبير من حيث تدني الأجور في تلك الدول وفرق سعر صرف العملة بينها وبين الأردن، لذلك نعتبر تلك الدول عامل جذب لكل المستثمرين وارتفاع اجرة الاردنيين بسبب غلاء المعيشة في الاردن وليس بسبب العجرفة لافتا الى أن قطاع تكنولوجيا المعلومات يساهم بما يقارب 16% من الدخل القومي الأردني.

واردف ابو عرقوب مدافعا عن المبرمج الاردني " هناك مبرمجين اردنيين تم استقطابهم لشركات عالمية ومثال عليهم احد زملائنا في المبادرة الذي تعاقدت معه كبرى شركات (الجافا) في ايرلندا ... اضافة الى 4 من زملائنا في المبادرة يعملون حاليا في شركات ومناصب مميزة في دول الخليج.

كما استعرض ابو عرقوب تجربة مؤسسي موقع مكتوب الذي تم شراؤه من شركة ياهو العالمية وغيرهم الكثير.

وارجع ابو عرقوب موقف كاتب التقرير من المبرمجين الاردنيين الى تجربة شخصية للكاتب مع احد المبرمجين فصبغ قطاع المبرمجين كله بنفس السلبية.

وفي سياق متصل، أشار ابو عرقوب الى مبادرة انشاء نقابة تكنولوجيا المعلومات تعمل على اقتراح لضمان جودة مخرجات العملية التعليمية لسوق العمل وتسويقها محليا وعربيا ودوليا بالاضافة لوضع قوانين تنظيمية مقترحة للـ outsourcing حتى لا يصبح ما جاء في التقرير حقيقة .